التهجئة الدماغية | BCI Speller


ذكرنا في تدوينة سابقة تحدثت عن تطبيقات تقنية واجهة الدماغ والحاسوب عن تطبيق أسميناه بالتهجئة الدماغية.

ما هي التهجئة الدماغية؟ وما أنواعها؟ والعديد من الأسئلة التي قد تخطر في بالك..

سنحاول في هذه التدوينة الإجابة عن جميع أسئلتك إن شاء الله..



بدايةً، ما هي التهجئة الدماغية "Brain-Computer Interface (BCI) Speller"؟

هي وسيلة للتواصل عن طريق ترجمة الإشارات الدماغية.


تنقسم التهجئة الدماغية إلى نوعين: (١) تطبيقات تعتمد على الإشارات الدماغية فقط، و(٢) تطبيقات تعتمد على طرق أخرى بالإضافة إلى الإشارات الدماغية.


تعتمد تطبيقات التهجئة الدماغية في النوع الأول على ٤ مكونات أساسية:

١. شاشة عرض (شاشة تواصل).

٢. جهاز قارئ للإشارات الدماغية.

٣. نظام تهجئة دماغية.

٤. شخص يرغب بالتواصل دماغيًا، قد يكون شخص سليم لغرض الاختبار أو مريض تخلق له هذه التقنية وسيلة تواصل بديلة.


أما بالنسبة لتطبيقات النوع الثاني، فقد يتم إضافة اجهزة أو نظارات لتتبع حركة العين. 


في هذه التدوينة سنركز على النوع الأول من تطبيقات التهجئة الدماغية والذي يعتمد بشكل كلي على ترجمة الإشارات الدماغية فقط.


مثال توضيحي:

عندما يود شخص ما في التواصل دماغيًا، يرتدي جهاز قارئ للإشارات الدماغية على رأسه ويقابل شاشة تحتوي على أحرف وكأنها تعرض لوحة مفاتيح (keyboard) وجزء علوي لإظهار وطباعة ما يتهجأه ويكتبه، كما في صورة رقم ١.

صورة ١. مثال للتهجئة الدماغية


حينما يشعر الشخص بأنه جاهز، تبدأ عملية التهجئة بتنوير عشوائي للحروف الظاهرة في الشاشة، كل ما عليه هو التركيز على الأحرف التي يريد تهجئتها أو كتابتها. 

في حين التركيز على حرف معين، ينتظر الدماغ استجابة معينة.

فعندما يضيء الحرف الذي تم التركيز عليه، يحدث استجابة في الدماغ.

عندما تتكرر هذه الإستجابة، يعرف النظام الحرف أو الجملة المراد كتابتها ويظهرها على الشاشة.

وهكذا تستمر العملية، لحين الإنتهاء من جلسة التواصل (أضغط هنا لمتابعة لفيديو يوضح كيفية عمل التهجئة الدماغية).


واحد من أشهر أنواع تطبيقات التهجئة الدماغية يعرف باسم: P300 Speller

هذا النوع يعتمد الإمكانات المرتبطة بالحدث (Event-Related Potential) وهو مقياس استجابة الدماغ لحدث معين والذي يحدث نتيجة الاستجابة لحدث حسي أو معرفي أو حركي معين.

هذه الإستجابة تظهر بشكل ارتفاع إيجابي (positive) لمدة ٣٠٠ جزء من الثانية في قراءة الإشارات الدماغية نتيجة استجابة إيجابية, لذلك سميت بـP300.

هذه الاستجابة تظهر غالبًا بعد إضاءة الحرف الذي تم التركيز عليه.


تختلف تطبيقات التهجئة الدماغية باختلاف طريقة التنوير العشوائي للأحرف المعروضة على الشاشة. 

ونقسمه على ٣ أقسام:

١. تنوير حرف مفرد: يضيء الحرف لوحده في الفترة الزمنية الواحدة.

٢. تنوير سطر أو عمود: يضيء صف كامل أو عمود كامل في الفترة الزمنية الواحدة.

٣. تنوير منطقة معينة: تضيء منطقة معينة في الفترة الزمنية الواحدة.

توضح صورة رقم ٢ الفروقات بين هذه الطرق الثلاثة للتنوير العشوائي.

صورة ٢. طرق التنوير العشوائي



نماذج  تطبيقات التهجئة الدماغية المعتمدة على P300

يمكننا أن نقسم نماذج التهجئة الدماغية باسخدام P300 إلى ثلاث تصنيفات:

١. نماذج مبنية على السمع.

٢. نماذج مبنية على الرؤية.

٣. نماذج مبنية على السمع والرؤية.

سنفصل كل منها ونذكر بعض النماذج من كل تصنيف.


١. نماذج مبنية على السمع: 

صممت هذه النماذج لمرضى متلازمة المنحبس (Locked-in Syndrome) والذين يعانون من شلل كلي ما عدا حركة العين. تعمل هذه النماذج على تخيير الشخص بين خيارين صوتيين، أي أن الشخص سيسمع خيارين. 

عند سماعه للخيار الذي يريده، ستتغير قراءة مناطق التركيز في الدماغ، ثم يترجم الحاسوب ذلك التغيير برغبة الشخص بهذا الخيار واختياره ثم عرضه على شاشة التواصل.

مثلًا، عند سؤال شخص يعاني من متلازمة المنحبس بهذا السؤال: "هل تريد أن أقرأ لك كتاب؟" 

سينطق الحاسوب بخيارين، "نعم"، و "لا".

في حال كان الشخص يرغب بذلك، سينتظر بكل تركيز سماع كلمة "نعم" كونها الرد الذي يرغب بالإجابة به.

لذلك بمجرد سماع هذين الخيارين، سيرى الحاسوب تغير في الإشارات الدماغية ويترجم ذلك باختيار الإجابة "نعم" واعتمادها وعرضها على شاشة التواصل.


هذه النماذج تعتبر خيار جيد لضعاف البصر، لكنها تتعرض للعديد من المشتتات التي من الممكن أن تؤثر بنتائج التهجئة.


٢. نماذج مبنية على الرؤية:

هذه النماذج تعرض على شاشة التواصل خيارات عديدة يمكن للشخص اختيار احد منها من خلال تركيزه على خيار معين.

ولقد كان أول نموذج أنتج للتهجئة الدماغية قبل ٣٣ سنة مبنيًا على الرؤية (صورة رقم ٣).

صورة ٣. أول نموذج تهجئة دماغية


هذا النموذج أحتوى على طبقة واحدة من الخيارات، والتي تعرض ٢٦ حرف و ٦ أوامر.

هذا النموذج كان يعتمد على طريقة تنوير عشوائية لكل سطر أو عمود.


ثم تم تطوير العديد من تطبيقات التهجئة الدماغية، فاختلفت هذه النماذج بناء على عدد الطبقات المستخدمة، لذلك سنعرضها على ٣ أقسام: (أ) نماذج أحادية (Uni-modal)، (ب) نماذج ثنائية (Bi-modal)، (ج) نماذج متعددة (Multimodal).


(أ) نماذج أحادية مبنية على الرؤية:


صورة ٤. نماذج تهجئة دماغية أحادية


توضح صورة رقم ٤ أشكال من النماذج الأحادية، والتي تتكون من طبقة واحدة من الخيارات المعروضة على الشاشة. 

نرى أيضًا اختلاف نوعية الخيارات في تلك النماذج، بعضها يعرض أحرف، أو كلمات، والبعض الأخر يجمع بين الأحرف والرموز التعبيرية.

تختلف أيضًا هذه النماذج باختلاف نظام التنوير المتبع، فبعضها تضيء الخيارات بشكل عشوائي وبعضها يستبدل الحرف برمز تعبيري عند إضاءته كما في صورة رقم ٥. 

صورة ٥. نموذج تهجئة دماغية أحادية تتبع نظام التنوير باستخدام الرموز التعبيرية


(ب) نماذج ثنائية مبنية على الرؤية:

تتكون النماذج الثنائية من طبقتين من الخيارات، الطبقة الأولى تحتوي على مجموعات والطبقة الثانية تحتوي على خيارات كل مجموعة. لذلك في هذه النماذج يستخدم غالبًا نظام التنوير العشوائي لكل منطقة في الطبقة الأولى. توضح صورة رقم ٦ أمثلة على هذه النماذج.

صورة ٦. نماذج تهجئة دماغية ثنائية


نلاحظ هنا أن التهجئة الدماغية تم تطبيقها على عدة لغات، مثل الإنجليزية، والعربية، واليابانية.


(ج) نماذج متعددة مبنية على الرؤية:

في عام ٢٠١٩م تم إنشاء أول نموذج من هذا النوع والذي يتكون من عدة طبقات. 

وهو تطبيق تهجئة دماغية لـبرنامج فيسبوك (Facebook) والذي تم تسميته بـفيس برين (Facebrain). 

صورة ٧. نمودج تهجئة دماغية متعدد (فيس برين)


توضح صورة رقم ٧ نموذج فيس برين، والذي يمكنك من التواصل دماغيًا مع أصدقائك عبر فيسبوك من خلال الدردشة وإضافة محتوى وغيره من خدمات فيسبوك الشهيرة.


٣.  نماذج مبنية على السمع والرؤية:

بعد العديد من التجارب على نماذج التهجئة الدماغية السمعية والبصرية، طور بعض الباحثين نماذج تجمع بين النوعين، وخرجوا بنماذج تهجئة دماغية تعتمد على السمع والرؤية. 

هذه النماذج تحفز استجابة الدماغ لمثيرين في الوقت نفسه.

توضح صورة رقم ٨ مثال على هذا النوع.

صورة ٨. نموذج تهجئة دماغية مبني على السمع والرؤية


يختلف هذا النوع عن النماذج المبنية على الرؤية في أنه لا يكتفي بتنوير منطقة معينة أو حرف معين؛ بل ينطق الحاسوب رقم المنطقة أو الحرف بالتزامن مع إضاءته. 

هذه الطريقة حسنت من دقة ترجمة الإشارات الدماغية؛ كون تركيز الشخص يستجيب لمثيرين، الصوت والصورة.



بالرغم من اختلاف نماذج وأنواع التهجئة الدماغية، مازال الباحثين يعملون بكل جهد لتحسين تجربة المستخدم وتطوير وتسريع عملية التهجئة الدماغية.

تطبيقات التهجئة الدماغية أضاءت طريق الكثير من اليائسين ووفرت وسيلة تواصل بديلة عن الطرق المعتادة. 


وإلى هنا نصل لنهاية هذه التدوينة، نأمل أن تكون استمتعت بقراءتها واستفدت من المعلومات المطروحة.

لا تتردد بمشاركة أفكارك وآراءك معنا عن طريق حسابنا في تويتر TechXNeuro.




الأسئلة الأكثر طرحاً (FAQs)


كيف يعمل P300 speller؟

 تبدأ بارتداء جهاز قارئ للإشارات الدماغية على الرأس ومقابلة شاشة تحتوي على أحرف وكأنها تعرض لوحة مفاتيح (keyboard) وجزء علوي لإظهار وطباعة ما يتهجأه ويكتبه. 

حينما يشعر الشخص بأنه جاهز، تبدأ عملية التهجئة بتنوير عشوائي للحروف الظاهرة في الشاشة، كل ما عليه هو التركيز على الأحرف التي يريد تهجئتها أو كتابتها. 

في حين التركيز على حرف معين، ينتظر الدماغ استجابة معينة.

فعندما يضيء الحرف الذي تم التركيز عليه، يحدث استجابة في الدماغ.

عندما تتكرر هذه الإستجابة، يعرف النظام الحرف أو الجملة المراد كتابتها ويظهرها على الشاشة.

وهكذا تستمر العملية، لحين الإنتهاء من جلسة التواصل (أضغط هنا لمتابعة لفيديو يوضح كيفية عمل التهجئة الدماغية).


هل شاشة التهجئة الدماغية تتكون دائمًا من أحرف؟ 

لا، قد تتغير محتويات الشاشة باختلاف الخيارات المعروضة. فقد تحتوي الشاشة على أحرف، أو كلمات، أو رموز تعبيرية، أو غير ذلك حسب الغرض من الاستخدام. 


كم مره يضيء الحرف أو الخيار الواحد في الشاشة؟

يختلف من تطبيق لآخر، لكن بالمتوسط يضيء كل خيار معروض على الشاشة ١٠ مرات في كل جلسة بشكل عشوائي. 

أي أنه في الجلسة الأولى لاختيار خيار معين، فإن جميع الخيارات المعروضة تضيء ١٠ مرات. 


كم يستغرق من الوقت لتهجئة كلمة واحدة دماغيًا؟

عملية التهجئة تعتبر سريعة نوعًا ما مقارنة ببداياتها، تهجئة كلمة مكونة من ٤ أحرف قد تتم في أقل من ١٨٠ ثانية (دقيقة ونصف).

ويختلف ذلك حسب طريقة وعدد الإضاءات العشوائية للحروف.


ما هي الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية؟

لتتعرف عليها، يمكنك الإطلاع على تدوينتنا السابقة والتي تناولت توضيح مفصل للأجهزة القارئة للإشارات الدماغية: https://techxneuro.blogspot.com/2021/08/eeg-devices.html



المرجع:

http://bbrc.in/bbrc/a-review-on-brain-computer-interface-bci-spellers-p300-speller/


Comments