ذكرنا في التدوينتين السابقتين عن ماهية تقنية واجهة الدماغ والحاسوب وأهم المجالات التي تستخدم هذه التقنية.
تعتمد التقنية على الإشارات الدماغية بشكل أساسي، لذلك تهتم هذه التدوينة باستعراض الأجهزة التي تُعنى بالتقاط إشارات الدماغ (EEG signals).
نبدأ بالتحدث عن دماغ الإنسان وتركيبه ليسهل عليك فهم طريقة تكوين الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية وتحديد الفروقات بينها..
تركيبة الدماغ
دائما ما نسمع ونقرأ عن ثلاث أجزاء رئيسية مكونة للدماغ، وهم: المخ، والمخيخ، وجذع الدماغ.
وإذا تعمقنا نرى أن تركيبة الدماغ أعمق من ذلك بكثير..
نبدأ بالجزء الأكبر بالدماغ وهو المخ، والذي يشكل حوالي ٨٥٪ من حجم الدماغ.
يتكون المخ من ٤ مناطق أو فصوص كل فص مسؤول عن وظائف معينة.
١. الفص الجبهي: مسؤول عن الحركة، والتفكير، والإدراك، والتحفيز، والتخطيط، وأجزاء من الكلام، وحاسة الشم.
٢. الفص الجداري: مسؤول عن المعلومات الحسية، مثل اللمس والتذوق.
٣. الفص الصدغي: مسؤول عن حاسة السمع، والتذكر، وبعض الأجزاء البصرية مثل التعرف على الأوجه.
٤. الفص القذالي: مسؤول عن حاسة البصر.
أما بالنسبة للمخيخ فهو جزء صغير يقع خلف المخ، ويتحكم المخيخ في الثبات والتوازن وتنسيق الحركة.
فيما يربط جذع الدماغ، الجزء الأمامي من الدماغ بالحبل الشوكي.
ينقل جذع الدماغ الأوامر من المخ إلى أعضاء الجسم وينقل المعلومات الحسية من أعضاء الجسم إلى المخ. وهو أيضًا مسؤول عن التنفس وتنظيم ضغط الدم والقلب.
توضح صورة رقم ١ أجزاء الدماغ وتركيبته بشكل عام.
وهناك تفاصيل كثيرة إن أردت أن تستزيد يمكنك الابحار في البحث عن هذا العضو العظيم ومكوناته. فسبحان الخالق.
صورة ١: أجزاء الدماغ ومناطقه
الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية (EEG devices)
بعدما عرفنا تركيبة الدماغ بشكل عام، نستطيع الآن التحدث عن الأجهزة التي تسجل الإشارات الدماغية.
تتسابق الشركات سنوياً لإنتاج أجهزة جديدة تتوافق مع أحدث التقنيات.
ونظراً لانتشار العديد من التقنيات والتطبيقات التي تتطلب تسجيل ومعالجة الإشارات الدماغية، ظهرت العديد من الشركات المنتجة للأجهزة.
تختلف الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية باختلاف تصميمها الخارجي، وتكلفتها، والغرض من استخدامها.
ويعتمد تصميم وشكل الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية على عدد الأقطاب الكهربائية (Electrodes) المستهدفة.
من المؤكد أنك تتساءل، ما هي الأقطاب الكهربائية؟
عندما نريد قراءة الإشارات الدماغية نحن بحاجة إلى حساسات أو ما نسميها بالأقطاب الكهربائية، والتي تثبت على فروة الرأس لتحس وتنقل هذه الإشارات لنا.
ولأننا وضحنا سابقًا أن كل منطقة بالدماغ مسؤولة عن وظائف محددة، فإنه عندما نريد إلتقاط إشارات الدماغ لوظيفة معينة فإننا نحتاج أن نضع القطب الكهربائي في منطقة معينة في الرأس تقابل المنطقة المسؤولة عنه في الدماغ.
هذه المنطقة التي نحددها على فروة الرأس تقابل بشكل تقريبي المنطقة التي توجد في المخ.
هذه المناطق الخارجية تم تنظيمها وتسميتها علميًا.
وتسمى المناطق الخارجية بـ القنوات.
لذا، عندما نريد تسجيل الإشارات الدماغية لغرض تحليل التركيز والإدراك للشخص مثلًا، فإننا نضع الأقطاب الكهربائية في مواضع القنوات التي نستهدفها، أي في مواضع تقابل الفص الجبهي بالمخ؛ كونه المسؤول عن التركيز والإدراك.
تختلف مسميات ومواضع القنوات حسب اختلاف نظام التوزيع المتبع.
وتختلف الأنظمة حسب اختلاف المسافات المحددة بين كل قطب وآخر.
توضح الصورة أدناه مثال توضيحي لنظامين مختلفين لتوزيع الأقطاب الكهربائية على الرأس، النظام الأيمن يحتوي على أكثر من ٧٠ قطب كهربائي يغطي ٢٥٦ قناة، ويفصل بين كل قطب وآخر ١٠٪ من مسافة الرأس الإجمالية من الأمام إلى الخلف و١٠٪ من المسافة الإجمالية من اليمين لليسار. بينما يضم النظام الأيسر ٢١ قطب كهربائي يغطي ٦٤ قناة، يفصل بين كل قطب وآخر ١٠٪ أو ٢٠٪ من مسافة الرأس الإجمالية.
بشكل عام، يمكننا معرفة المنطقة التي تقابلها القناة من خلال الحرف الموجود في رمزها . فكل حرف يدل على منطقة في المخ.
القنوات التي تحتوي على الحرف (F) تقابل الفص الجبهي، والحرف (P) يرمز للفص الجداري، بينما يدل الحرف (T) على مناطق الفص الصدغي والحرف (O) يرمز للفص القذالي.
إذا كنت أعمل على تطبيق يهتم بحاسة البصر فقط باستخدام الإشارات الدماغية، إذًا سأعمل على جهاز يحتوي قنوات تقابل الفص القذالي، أي قنوات يحتوي رمزها على حرف (O).
صورة ٢: أنظمة توزيع الأقطاب الكهربائية في الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية
الآن اتفقنا أن التصميم الخارجي للجهاز القارئ للإشارات الدماغية يعتمد على عدد الأقطاب الكهربائية والقنوات المطلوبة.
لذلك نرى العديد من الشركات المصنعة لهذه الأجهزة مثل: Emotiv, NeuroSky, Bio-Medical، وفرت أجهزة بسيطة ومعقدة بناء على القنوات المغطاة.
بناء على ذلك فإننا نرى أشكال مختلفة من الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية، بعضها يكون بصورة نظارة أو طوق على الرأس أو الأذنين (صورة رقم ٣)، أو على شكل خوذة ترتدى على الرأس (صورة رقم ٤)، وقد تأتي الحساسات (الأقطاب الكهربائية) كأسلاك منفصلة تعمل شخصيًا على تركيبها في المكان الصحيح (صورة رقم ٥).
صورة ٣: مثال لنظارة وطوقين يعملون على قراءة الإشارات الدماغية
صورة ٤: مثال لأجهزة قارئة للإشارات الدماغية بصورة خوذة
صورة ٥: مثال لحساسات منفصلة تعمل على قراءة الإشارات الدماغية
كيف أحدد مواصفات الجهاز المناسب لتطبيقي؟
من الممكن أن يتبادر في ذهنك عن كيفية اختيار الجهاز المناسب لتطبيقك؟ خصوصًا بعدما رأيت العديد من الأجهزة بأشكال ومواصفات وأسعار مختلفة.
نحاول هنا أن نساعدك في اختيار جهازك بناء على احتياجك من خلال اتباع الخطوات التالية:
١. حدد المنطقة أو المناطق الدماغية التي تستهدفها.
٢. ثم حدد القنوات التي تحتاجها وعددها.
٣. ثم ابحث عن أجهزة تحتوى على جميع القنوات التي حددتها في النقطة السابقة (غالبًا ستجد تفاصيل القنوات في صفحة المنتج على موقع الشركة المصنعة للجهاز).
٤. ثم تأكد من إمكانية دعم وتوافق برنامجك مع الأجهزة (بعض الأجهزة تكون مغلقة المصدر ومحصورة على برامج الشركة نفسها، لذلك تأكد من توافقها أو وجود واجهة برمجية لها (API))
٥. ثم قارن بين نتائج بحثك وميزانيتك للشراء.
٦. إذا سارت أمورك على ما يرام ووجدت الجهاز الشبه مناسب لك، تقدم بطلبه وشرائه. وإلا فتقدم باستشارة المختصين أو استعن بالمهندسين لصناعة جهازك الخاص.
ملاحظة: ننصح المهندسين بالتعاون مع التقنيين في هذا الجانب لرفع جودة الأجهزة وتحسينها ودعمها بتصاميم مريحة وتقليل تكلفتها.
كيف احصل على قراءات الإشارات الدماغية من هذه الأجهزة؟
ترتبط أغلب الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية (EEG devices) مع الحاسوب بإحدى الطريقتين: (١) توصيل منفذ الـ USB، أو (٢) عبر البلوتوث.
بعض الشركات مثل Emotiv توفر برنامج يساعدك على التأكد من أن كل قطب تم تثبيته بشكل صحيح وجاهز لالتقاط الإشارات الدماغية. توضح صورة رقم ٦ مثال على واجهة التحقق من الاتصال لطوق يحتوي على ١٤ قطب كهربائي وقطبين للتثبيت.
صورة ٦: واجهة التحقق من اتصال الأقطاب الكهربائية في طوق قارئ للإشارات الدماغية
بعد التثبيت وتشغيل الجهاز والتأكد من عمله، قد تحصل على تسجيل الإشارات الدماغية بشكل ملفات بلغة الآلة، أو قد تراها بشكل تخطيط بياني مثل صورة رقم ٧، أو غير ذلك حسب تصميم الجهاز.
صورة ٧: مثال لنتائج قراءات الإشارات الدماغية مباشرة من الجهاز (كل قناة وقراءتها)
في النهاية نشكر لك حسن القراءة ونتمنى أن تكون استفدت من هذه التدوينة..
الأسئلة الأكثر طرحاً (FAQs)
ما هي الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية (EEG devices)؟
هي أجهزة تستخدم لتسجيل نشاط الدماغ.
ماذا تقيس الأجهزة القارئة للإشارات الدماغية (EEG devices)؟
تقيس الموجات والإشارات الدماغية.
هل بالإمكان تشخيص الأمراض النفسية والعقلية من خلال التخطيط الكهربائي للدماغ (EEG)؟
نعم، وهو أيضًا يستخدم للتشخيص المبكر عن الأمراض العقلية والعصبية، بما في ذلك حالات قصور الانتباه وفرط الحركة والتوحد.
ما هي خوذة (EEG)؟
هي نوع من الأنواع المتعددة من أجهزة التقاط إشارات الدماغ التي تحتوي على عدد كبير من الأقطاب الكهربائية، ١٤ قطب كهربائي أو أكثر.
هل تعتبر خوذة (EEG) آمنة؟
لا نستطيع الجزم بأنها آمنة 100% وحتى الآن لم تظهر دراسات تثبت أي ضرر منها.
كم تكلفة خوذة (EEG)؟
تختلف تكلفتها من شركة لأخرى، بناء على المواصفات وعدد الأقطاب الكهربائية.
هل خوذة (EEG) مريحة؟
حسب تجربتنا الشخصية، بعد قرابة ساعة من إرتداء الخوذة، يبدأ الشخص بالشعور بالضغط على رأسه والإصابة بصداع في بعض الحالات.
ما مدى سهولة لبس وتثبيت خوذة (EEG)؟
بعض الشركات توضح عدد الدقائق التي قد تستغرق في تركيب وتثبيت الخوذة حسب عدد الأقطاب التي تحتويها. لكن في الاستخدام الأول قد تستغرق نصف ساعة، أو ساعتين، أو يوم، أو أكثر أو أقل للتعرف على الجهاز وكيفية تثبيت الأقطاب والتأكد من اتصالها وتفعيلها. كل ذلك يعتمد على معرفتك السابقة ودرجة سهولة الاستخدام لجهازك.
المراجع:
https://www.ers-education.org/lrmedia/2016/pdf/298830.pdf
https://www.springer.com/gp/book/9780387707037
https://www.bbc.com/news/technology-28237582
https://almerja.com/en/more.php?pid=1912
http://www.cognionics.com/index.php/products/
https://www.emotiv.com/
http://neurosky.com/
https://bio-medical.com/
Comments
Post a Comment